تعد الأسرة اللبنة الأولى التي يتكون منها المجتمع الإنساني، وتبرز أهمية الأسرة كونها تشكل البيئة الاجتماعية الأولى التي تستقبل الكائن البشري منذ ولادته وتستمر معه طوال حياته، ومما لا شك فيه أنّ الحياة الزوجية حينما تكون مبنية على مفاهيم وأسس ومبادئ واضحة، فإنها تكون مؤهلة لتحقيق أهدافها المنشودة، وبصلاح هذه الخلية يصلح المجتمع.
ويشار إلى أن هذه الخلية الأساسية في المجتمع الفلسطيني أصبحت مهددة، وذلك بعد استمرار ارتفاع نسب الطلاق في المجتمع الغزي إلى ما يزيد عن أكثر من (17%)، وذلك حسب دراسة أجراها مركز شئون المرأة بغزة، وحسب الدراسة التي أجراها المركز فإنّ (60%) من حالات الطلاق ترجع إلى الزواج المبكر، الذي يصاحبه تدني في المستوى التعليمي للزوجين، وغياب الجانب الثقافي، والوعي لضرورة إنشاء أسرة، إضافة إلى الجانب الاقتصادي.
فكرة وأهداف مشروع “مودة”
ومن هنا جاءت فكرة إطلاق مشروع “مودة لتأهيل الشباب المُقبِل على الزواج” في محافظات غزة”، وينفذ المشروع في الجامعة الإسلامية بتمويل من الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية “انتربال”- بريطانيا، ويهدف مشروع مودة بشكلٍ أساس إلى توعية الأجيال بمهارات الاستقرار الأسري، وتحقيق السعادة الأسرية، وتحسين الحالة النفسية للأولاد، ونشر الثقافة الحقوقية الأسرية النابعة من روح الشريعة الإسلامية، والتقليل من نسب الطلاق والحد من آثاره، ويستهدف المشروع الشبان والشابات المقبلين على الزواج.
شراكات مشروع “مودة”
وينفذ المشروع في الجامعة الإسلامية بالشراكة مع كل من: وزارة الثقافة، ووزارة الأوقاف والشئون الدينية، ووزارة شئون المرأة، ووزارة الشباب والرياضة، ومجلس القضاء الأعلى، وجمعية التيسير للزواج، وجمعية حواء المستقبل، والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، ومؤسسة أكورد للزواج.
آلية الاختيار للمشروع
وفيما يتعلق بآلية اختيار المنتسبين للمشروع، أوضح الأستاذ بلال ياسين- منسق مشروع “مودة لتأهيل الأزواج الشابة”- أن عملية الاختيار للمرحلة الأولى من المشروع تمت من خلال تعبئة نموذج تم إعداده وإرساله إلى محكمة غزة، مبيناً أن تعبئة النموذج للشباب المقبلين على الزواج اختيارية وليست إجبارية، وأضاف تم اختيار مجموعة أخرى من الشبان المسجلين لدى جمعية التيسير للزواج في غزة، وأفاد الأستاذ ياسين أن عدد المسجلين في المشروع كمرحلة تجريبية أولى بلغ (90) شاباً وشابة، تم توزيعهم على ثلاث دفعات للاستفادة من الدورات التي يعقدها المشروع، ولفت الأستاذ ياسين إلى أن المستفيدين من المرحلة الأولى من المشروع جميعهم من محافظة غزة، وأن المشروع في طور التطوير ليشمل كافة المحافظات في القطاع، ونوه الأستاذ ياسين إلى أهمية التمويل في استمرارية البرنامج وتطويره.
الدافع وراء إطلاق المشروع
وتطرق الأستاذ ياسين إلى أن الدافع وراء إطلاق المشروع هو إيجاد مجتمع قوي متماسك بأفراده، والتخفيف من المشاكل الزوجية، وإيجاد حياة زوجية سعيدة ولو بشكل نسبي بما يضمن تحقيق الاستقرار الأسري، وأشار الأستاذ ياسين إلى الجهود التي تبذل من أجل توسيع وتطوير المشروع، موضحاً أن تغيير الثقافة يحتاج إلى سنوات طوال لتغيير ثقافة المجتمع على مبدأ معرفة الحقوق والواجبات بين الزوجين لإيجاد أسرة تكاملية تقف أمام مسئولياتها خاصة في ظل الظروف التي يعيشها أبناء المجتمع الفلسطيني.
خطة المشروع والمحتوى التدريبي
وبخصوص خطة المشروع، ذكر الأستاذ ياسين أن المشروع ينقسم إلى مرحلتين أساسيتين، المرحلة الأولى مُدتها عام من تاريخ البدء بالمشروع، وتشمل دورات تدريبية، يترتب عليها عدة أمور، منها: إعداد المادة التدريبية، وتأهيل مُدربين قادرين على الإبداع والتأثير، وتدريب أزواج حديثة العقود، يتم إلزامها بالدورة من خلال جوائز قيّمة، وتقييم نتائج الدورات التدريبية من خلال المقابلات الشخصية، والاستبيانات الوصفية، وتحسين المادة التدريبية، وأداء المدربين، بما يمكن رؤيته من خلال التجربة العملية، وأشار الأستاذ ياسين إلى أن المرحلة الثانية يتم فيها تعميم المشروع على جميع محافظات غزة بشكل رسمي، ليصبح أحد الأركان الرئيسة التي لا يمكن عقد الزواج إلا به، كفحص الثلاسيميا، وتفعيل أدوات أخرى؛ لنشر التوعية الأسرية، مثل مكاتب استشارية معتمدة من الجهات المشرفة على البرنامج.
أما عن المحتوى التدريبي للمشروع، بين الأستاذ ياسين أن المحتوى التدريبي للمشروع أعده نخبة من المختصين في مختلف المجالات الحياتية، وأفاد أن الدورة التدريبية تشتمل على خمسة لقاءات أسبوعياً بواقع (15)ساعة تدريبية، ويغطى المحتوي التدريبي المحاور التالية: الجوانب الشرعية الحقوقية وهي المرتكز الأصلي والانطلاقة الأساسية، والجوانب الاجتماعية والتربوية بأبعادها الثقافية المتنوعة، والجوانب النفسية والعاطفية وفروقاتها لدى الجنسين، والجوانب الطبية بشقيها الوقائي والعلاجي، والجوانب الاقتصادية والإدارية في التخطيط الأسري.