من رحم المعاناة يولد الإبداع والتميز

من رحم المعاناة يولد الإبداع والتميز
محدثتكم سنا عيسى، 22 عاما خريجة الجامعة الإسلامية بكالوريوس تكنولوجيا المعلومات – تخصص حوسبة متنقلة وبرمجة تطبيقات هواتف ذكية.
منذ نعومة أظافري وأنا كأي طفلة بغزة تعاني من الحروب والحصار وهدم البيت المتكرر والتنقل من بيت لآخر، مما جعلنا نعيش في معاناة حقيقية وعدم استقرار أسري؛ فأنا لا أملك ذاكرة وردية مفعمة بالذكريات الهادئة مثل باقي أطفال العالم، ذاكرتي مشبعة بأصوات الحروب وآلام الفقد والتنقل كل حرب من بيت لبيت.
وفي الوقت الذي كنت أحضر فيه نفسي للتخرج وأرسم حلمي للحصول على وظيفة في تخصصي وأحيا أخيرا حياة مستقرة استيقظت من هذا الحلم الجميل على فاجعة بكل معنى الكلمة لقد قصف الاحتلال بيتنا في حرب 2021!
فحطمت الحرب حلمي وخطفت مني الأمان مرتين مرة بهدم بيتنا ومرة بقتل والدي. لقد كان وقع هذا الخبر مؤلماً وصادماً وصاعقاً على نفسي ونفس عائلتي عشنا حالة حزن كبيرة لكنني بعد كل هذه المعاناة حاولت استجماع شتات نفسي والعودة للجامعة لأخرج من حزني وأقف في وجه كل التحديات التي واجهتني، فكان فقد والدي دافعاً لي لمواصلة تعليمي كي يكون فخورًا بي.
فالحمد لله أتممت دراستي وتخرجت من الجامعة، وأتممت حفظ كتاب الله. حتى وصلتني رسالة الالتحاق بمشروع مهارة تك الذي تنفذه (BTI) لمتضرري حرب 2021 بالشراكة مع (UNDP/PAPP)، بتمويل (SIDA).
تم قبولي في المشروع، وبدأت بمرحلة التدريب التقني والتزمت فيها بحضور المحاضرات والمتابعة الجادة مع مدربي المشروع ثم انتقلت للمرحلة الثانية من التدريب وهي مهارات العمل الحر وكانت هذه المرحلة المهمة بالنسبة لي كي أتمكن من تطبيق ما تعلمت فقام المدرب بمساعدتنا في إنشاء حسابات بمواصفات احترافية على منصات العمل الحر حتى وصلت أخيرا لما أطمح له وحصلت على أول عمل لي في مجال UX UI وقد نال رضى العميل، أيضاً تم التشبيك مع مجموعة برمجة الفلاتر وأتممت تصميم لأحد الطلاب ليتم برمجته. واستفدت من مكون التدريب على رأس العمل في المشروع، وقعت عقد توظيف مؤقت مع شركة متخصصة في عمل UXUI لمدة 3 أشهر.
أخيرا لقد وضعت قدمي على طريق تحقيق الأحلام وبدأت أوفر دخل خاص لي من عملي، لم يكن الأمر سهلاً، كانت الموازنة بين ظروف الحياة القاسية التي عشناها والتعليم والتدريب صعبة جدا، مررت بمحطات تعب وانهيار، وتحديات كثيرة لكنني بقيت مستمرة أتحدى كل الظروف ولم أستسلم لها من أجل الوصول لهدفي وتحقيق حلمي.
هذه قصتي فأنا لازلت أبني نفسي بكل ابداع، فنحن جيل مؤمن أن من رحم المعاناة يولد الإبداع والتميز.